العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ المقدمة
■ أول العلم معرفة الله تعالى
■ وقل اعملوا
■ لا تدبر
■ الإطلاقات
■ تعلم القرآن الكريم
■ لا يخلو من لطف
■ الرحمة
■ احترام قم المشرفة
■ حادث عجيب
■ محاكمة في مريخ
■ الحاكم وأعوانه في جلسة سرية
■ مراحل الدعوى
■ صدق الله العظيم
■ الرؤيا الصادقة
■ وسواس
■ الصلة
■ أمور ثلاث
■ العمل بالخبر
■ هاتف العقل
■ الصوم
■ النظر والنظام
■ الضيافة في الإسلام
■ ضريح أبي الفضل (ع)
■ الولي
■ رسالة
■ نقاش فارغ
■ الكلمة الطيبة
■ الأسئلة
■ سؤال
■ الإسلام مورد الحاجة
■ المساوئ
■ لا إله إلّا الله
■ الفارق
■ الصحيح
■ قضية في واقعة
■ الجهاد والدعوة
■ قول
■ شهر الله
■ أبو عبد الله
■ صاحب الكفاية
■ حب الدنيا رأس كل خطيئة
■ قدر الكتاب
■ المقبول
■ لا تقدم إلّا بالإيمان بالله
■ المناط
■ وارث الخلافتين
■ زكاة الفطرة
■ سؤال ١
■ سؤال ٢
■ ٢٦ ربيع الثاني
■ تشييع
■ مصاب جلل
■ سؤال ٣
■ وا أسفاه
■ الكآبة
■ اختر لنفسك
■ مقتطفات العلوي
■ ختامه مسك
■ مرسلات الفقيه
■ المسندات والمرسلات
■ المناط
■ موكب حي طارق في الجامع العلوي ـ بغداد
■ سلام
■ سؤال ٤
■ سؤال ٥
■ المعروف
■ كل الخير
■ زيارة
■ سؤال ٦
■ مقتضى الأصل
■ المادة مستحدثة
■ التنقيد
■ عيد الفطر المبارك
■ الكفر
■ سؤال ٧
■ صراط على حق نمسكه
■ الخير
■ ما يحرم
■ الإجماع المنقول
■ عباسيان وأموي
■ لماذا جاء الإسلام
■ سؤال ٨
■ الغش
■ مزار
■ الشره
■ الضالة
■ المدعي والمنكر
■ توسيع المسجد الحرام
■ العمل الجهادي
■ مضمرة
■ الموت السريع
■ سؤال ٩
■ نحن مسلمون
■ الأصل المثبت
■ جهاد النفس
■ الجد
■ بسمه تعالى
■ المشابهة
■ الكتاب
■ السعيد
■ تعريف السعادة
■ الوارثون
■ رمز
■ الشرك والتوحيد
■ هرولة
■ الطلب
■ ما قيل في الظنون
■ الإنصاف والإستقامة على الحق
■ المجرم
■ السعي
■ اللطم
■ خليفة
■ سؤال ١٠
■ صالح الأعمال
■ سؤال ١١
■ النسب
■ سؤال ١٢
■ سؤال ١٣
■ الصورة
■ الحساب
■ القساوة
■ النبوغ
■ مكتبة جامع الهاشمي
■ الثقة
■ الحمق
■ سؤال ١٤
■ التلفزيون والإذاعة العراقية
■ حلقت
■ الدليل
■ التوفيق
■ قولة
■ أخوة في الرضاع
■ القناعة
■ الام
■ الصون
■ سؤال ١٥
■ نور الشمس
■ كرامة
■ الطريفة في الإعداد
■ مسجد علوي
■ الخطبة
■ تأبين
■ الذكرى تنفع المؤمنين
■ التبليغ
■ شروط
■ ما يجب لتنظيم الحوزات الدينية
■ الكتب الدراسية
■ ترتيب الدروس
■ العطاء في الإسلام
■ دموع ساخنة
■ سؤال ١٦
■ أبو المفاخر
■ الرائد القائد
■ حبابة الوالبية
■ الغدير الأغر
■ السيد عماد الدين العلوي
■ السيد علي الفدوي
■ السيد محمد الحسيني
■ الثلاثة
■ جانب من الإحتفال
■ العلماء باقون ما بقي الدهر
■ البشائر
■ في صحن خراسان
■ ظرفاء
■ الرضا
■ طريق الجنة
■ أول رسالة
■ المتابعة
■ نحن شيعة علي (ع)
■ الإيذاء
■ النصيحة
■ العمل العمل ثم العمل!
■ هيئت محلة مسجد علوي ـ قم
■ كيف نتمكن من ترك المعصية
■ سؤال ١٧
■ سؤال ١٨
■ كفران النعمة
■ بين الرجل والمرأة
■ الخوف
■ ثلاث خطوات
■ زكاة الأبدان
■ الحب
■ شعر إبليس
■ العشق
■ سؤال ١٩
■ الإعداد القرآنية

مقتطفات العلوي

(مقتطفات العلوي)

لتكون الفائدة أكثر والثواب أجزل إنشاء الله تعالى.

وها هو بين يديك أيها المطالع الكريم راجين أن لا تنسانا من الدعاء.

أمين المكتبة

عبد الهادي الجوراني

من مقتطفات العلوي (المخطوط)

الصداقة

تجنب عن لئام الخلق تنجو

 

من الهلكات والخطر العظيم

وصاحب ذا العلى والمجد دوماً

 

ترى الحسنات في خل حميم

 

النتيجة

ولدتنا أمنا للتعب

 

ليس للهو ولا للعب

كل يوم نتعب الجسم لكي

 

نجد الراحة عند التعب

الرقي

إن رمت ترقى سلم الأكبار

 

فاختر لنفسك مركب الأخطار

سر لا تعيقك في الطريق عوائق

 

أقدم فلا يجديك قول حذار

الحاكم والسلطان

نبه الكفر وقل للمعتدي

 

إنما الإسلام دين الأبد

يا نظام العدل أنت المرتجى

 

حاكم اليوم وسلطان غد

خدمة المحتاجين

قدم الخدمة واجهد

 

لذوي الحاجة تحمد

بكلام أو بخط

 

أو بسعي حيث ترشد

أو لمديون بدينار

 

لما عاناه سدد

فجزاك الله عنها

 

جل ما كان معقد

جد واخدم كل محتاج

 

بلا مكتسب أو ندم

بلسان أو بدينار

 

وإلّا فلم أو قدم

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾ (الإسراء: 9)

كل مسلم ـ سواء يعمل بالمناهج الإسلامية كلا أو بعضاً أو لا يعمل ـ يعلم بأنّ الإسلام بمواده القانونية، ونظمه الدستورية، هو دين الحياة الكامل، وله يد موضوعة على جميع مجالات الحياة، سواء المجال السياسي، أو المجال الإقتصادي، أو المجال الإجتماعي، أو المجال الزراعي والطبي والهندسي، أو المجال الثقافي التربوي، وإلى آخر ما في هذا الكون من أمور ترتبط بجميع المخلوقات.

والقرآن هو الكتاب الوحيد الذي جمع بين دفتيه ما تحتاجه البشرية جمعاء من نظم ومناهج يسيرها ويقودها إلى شاطئالسعادة والخير.

﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً ﴾ (النحل: 89) ولا يشك أحد من المسلمين أن القرآن منزل من عند الله:

﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ﴾ (الأنعام: 82) ، ولا يشك أحد أيضاً من أنه منزل على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ...﴾ (النساء: 136).

﴿ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ (محمد: 2).

وأنّ محمداً صلى الله عليه وآله ما كان يتفوه بكلمة واحدة من عنده وينسبها ولا أبتغي من عملي هذا ـ وكل أعمالي ـ إلّا القيام بالواجب من توجيه بني الإنسان إلى ما يرضى ربه ويرضيه، وبهذا أطلب رضوان الله تعالى ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ (التوبة: 72).

التمسك بالقرآن والعترة

أيها الناس إن كنتم تريدون الخير كل الخير، فتمسكوا بعترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحبل الله الممدود إلى السماء، وهو القرآن الكريم ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ وأقوم ﴿ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾ ، كم عصيتم ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ فأرجعوا إلى القرآن ولا تستبدلوا غيره به ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ وقد قال ربكم جل شأنه ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ فلا يغرنكم الأشرار بزخرف القول، ولا يقودكم الكفار إلى شفا حفرة من النار فإنه ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ .

الجهاد مع الإستعمار:

فإستيقظوا من الغفلة وإتركوا صحبة الفجار وحاربوا الإستعمار فإنّ المولى يهيئ لكم ما ينجيكم من تغير الزمان، ﴿ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ وإتخذوا شعاركم الجهاد، مع الكفر والشرك والفساد حتى ولو بزهق الأرواح ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ ولا تكاسلوا ولا تقاعسوا ﴿ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ حتى إذا كان في التطوع الموت، فالمؤمن الحق في كل زمان مستعد لطوارق الحدثان ﴿ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾.

الجهاد مع النفس:

وقدموا على جهاد العدو جهاد النفس، وذلك بالتزكية والعمل بالأركان كالصوم والصلاة وما أشبه.

الصوم والتقوى:

﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ وكذا كل عمل صالح ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ .

الإنفاق:

وانفقوا مما رزقكم ربكم و﴿ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ﴾ ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ﴾ ولا تثاقلوا عن فعل الخير ﴿عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾.

الأيتام:

واصلحوا حال أيتامكم فقد أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ فأصلحوهم يصلح الله لكم أعمالكم.

التناكح:

وإياكم والتناكح مع المشركين والمشركات ﴿ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾.

المعروف:

وقولوا المعروف دائماً فإنّه ﴿ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ والمعروف حكمة ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

الأموال:

وحافظوا على أموالكم فلا تبذروها تبذيراً ﴿ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ ﴿ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ ﴾، وأعلموا أن ﴿ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ﴾﴿ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾.

قضاء الحوائج:

ثم من الدرجة الثانية بعد الإنفاق أن تقضوا حوائج أخوانكم وتساعدوهم بالمال وإذا داينتموهم فلا تستعجلوا بردها ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾([1]) وإن أردتم أن ﴿أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ ﴾ هو أن تساعدوا ذا العسرة بلا بدل، وتنتظروا الثوب من المولى العظيم وأن تقولوا ربنا ﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ فلا تحسبوا الضياع فإنّ عند الله تعالى لا يضيع شيء وإنّه يأتي ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ﴾ والذين يعملون الشر ويعصون الله تعالى ولا يطيعونه وإذا أرادوا مساعدة ذي العسرة يمكرون عليه بأخذ الرباء ولكن بشكل غير مستقيم فإنّ المحاسب لهم بالمرصاد ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ فعلى المؤمنين إرشاد هؤلاء المرا بين الفسقة، ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾ وينصحونهم كي يساعدو ذا العسرة بلا رباً يربونه، وهذه وظيفتكم ما دمتم ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ فإن عملتم بها اديتم ما عليكم من واجب ولو اتبعكم غيركم لزاد خيره أيضاً، كما عبر عنه الكتاب الكريم بقوله: ﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ﴾ ولو كانوا ﴿ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ لكانوا ﴿ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ﴾ بعد الإيمان ﴿ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾ .

مخالطة الكفار:

ولو خالطتموهم فلا تجعلوا لهم عليكم ولاية كما فعل ملوك الدول المسمون بالإسلامية، ﴿ بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾ وإن أجبركم الملوك والقادة إلى الإستسلام للكفرة المستعمرين المستثمرين المستعبدين فلا تطيعوهم وقاتلوهم ﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾، ولا يحسبن القادة أنهم يحسنون صنعاً مع شعوبهم بربطهم للإستعمار، ويحسب المستعمر الكافر أن خيره في هذه، سيحاسبه الشعوب على نهب خيراتهم ﴿ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ ﴾ بل هو وزر عليهم ووبال، وكذا الذين رزقهم الله تعالى من فضله ولم يساعدوا الأمة لتستغني عن الإستجداء من الأجانب، فالحاجة المادية هي التي تسحبها إلى جانب الظلمة ومد اليد إيها هؤلاء أيضاً مسئولون، ﴿ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ﴾ على الأمة ﴿بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هو خير لهم﴾ بل هو وزر عليهم ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ ﴾([2]). فيا أيها التجار والمتمولون عليكم بإدارة أوطانكم مادياً كي لا تحتاج شعوبكم إلى الكفرة الفجرة ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ﴾.

ربط الجاش فالنصر:

وأنتم يا شعوب الإسلام اصبروا وصابروا ورابطوا ولا تجزعوا ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ فالله تعالى قد أوعدكم النصر الأكيد، تحت لواء القادة الأعلام فأسمعوا وأطيعوا ولو أنهم تمسكوا بأذيال قيادة الروحانيين ﴿وقالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً له ﴾ ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ ﴿ َلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾، ولكانت دنياهم تزدهر بالحرية والامن والأمان ولسعدوا فيها وفي الآخرة بعدها ﴿ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى ﴾ومن لا معاش له لا معاد له، والمرتزقة  الموالون للأعداء يناجون فيما بينهم عند سماع هذه المحاضرات ﴿ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ﴾ فلا يفوتكم الإقتناص لهم، ولاحقوهم أينما حلوا وإرتحلوا.

وإعلموا أنّ خيركم في تنكيلكم إياهم ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ﴾ وإن رجعوا إلى رشدهم فصالحوهم (والصلح خير) ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ ﴾ فعسى أن يخرج ما في قلوبهم من حب الأجانب ويؤمنوا إيماناً صادقاً لاشوب فيه، وقولوا لهم: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ والقرآن ﴿ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ﴾، (ولا تقولوا) المسلمين ﴿ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ﴾ ([3])، فبقليل ضعفهم لا ينتهون ولكن ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ واطلبوا التوفيق والرزق من الله تعالى، وقولوا ربنا ﴿ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾([4]).

نصح المنجرف:

ثم اعلم أيها المنجرف أن يمسك سوء فهو من نفسك وإن يمسك خير فمن عند الله تعالى ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

﴿ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ فأعمل لآخرتك مثل ما تعمل لدنياك، ولا تنس نصيبك منهما معاً، وربك ﴿ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾، وهو القائل عزمن قائل: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾([5]).

فهذا إبليس المرجوم آمن من قبل وعبد الله تعالى أحسن العبادة لكن لم يكسب في إيمانه خيراً، لذا لما جاء أمر ربه بالسجود، (قال أنا خير منه)، فإياك أن تنس النصيحة، وإياك أن تترك التقوى، ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ فإن اتقيتم ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾، هذا حكم الله تعالى ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾.

فإن لم يسمع المنجرف المنحرف العنود منا، قلنا: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ ﴿ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾ ربنا أهد قومنا وخذ بأيديهم إلى صراطك المستقيم ليكونوا خصماً للظالمين وعوناً للمظلومين وليفكروا في آخرتهم كما يفكروا في دنياهم ﴿ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾، حتى لا يقول أحدهم ﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ ﴾([6]). والواجب علينا أن نذكر إخواننا بأن (جاءكم الفتح وأن تنتهوا فهو خير لكم).

ونحن نعلم أنّ فيهم من يكذب ويقول لستني بمحب للمستعمر، وأنا تائبون إلى الله تعالى ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ﴾ ولكن ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ فأخبروهم بأنه ﴿ إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً ﴾، فإن تبتم أيها الخاطئون المنجرفون (فهو خير لكم) ولعمري (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).

فهاهم قادتكم الروحانيون فاتبعوهم، وهم (اذن خير لكم) يؤمنون بالله ويؤمنون للمؤمنين،ن وهم المنادون بالنسبة للعصاة، ﴿ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ ﴾فيعيشون بين ظهراني المؤمنين، و﴿لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون﴾ فأبواب التوبة مفتوحة، والمهلة لم تنفذ.

وبعد هذا كله: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾([7]).

﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ﴾ فحياتهتم وبقائهم ﴿ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ عليه من الشقاق والنفاق وإقتفاء الأعداء.

ترك العصاة

وأمّا أنت أيها الأخ الموافق فأعلم أنه ﴿ وَإِنْ يُرِدْكَ﴾ الله﴿ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾﴿ وَاصْبِرْ ﴾ على صروف الزمان وكثرة العدوان، أنت ومن معك من المؤمنين ﴿ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾([8]). ﴿ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ ﴾ ولكني أقول: ﴿ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ﴾ مادمتم على الإيمان.

أقول: ﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾([9]). فأتركوا العصاة العتاد المتفرقين وتمسكوا بحبل الله تعالى، ﴿ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾؟

واعملوا للآخرة، ﴿ وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾، ولا محالة من وفودنا على الله ونزولنا عنده وهو ﴿ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ولابد أن يحفظنا بلطفه وكرمه وهو ﴿ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ وسيحكم بين عباده بالحق ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ فهنيئاً لفاعلي الخير المؤمنين المتقين ﴿وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾([10]).

وهناك يسئل من المتقين، ويقال لهم ﴿ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً ﴾ وتكلموا عن هذه الدنيا. أيضاً بقولهم: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾.

الجد والإجتهاد:

فيا أيها المؤمنون جاهدوا وإجتهدوا ولا تكونوا كمن كان كلا على مولاه ﴿ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ﴾ واعلموا ﴿ إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ ، واصبروا على الطاعة والمصيبة والمعصية، ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾([11]).

ولا تعجلوا لأمور دنياكم وتدعو لها فإنّه يدعو ﴿ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ﴾ وذلك لعدم معرفته بعواقب الأمور، وإتخذوا الطريق اللاحب المستقيم ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ ﴾([12]).

والمؤمن الحق لو رجع إلى ربه وقال: ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً ﴾ ﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً ﴾ ﴿ هُنَالِكَ ﴾ يرى ﴿ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً﴾ فعليه لا تحصروا همكم ودعائكم في دنياكم ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً ﴾ واقتنعوا بكل ما حصل لكم من الدنيا فإنّ الله تعالى أبصر بعبده منه، أمّا ترون أنّ موسى عليه السلام وجد عبداً من عباد الله تعالى ومشى معه إلى أن قتل الغلام وأخذ يقص على موسى عليه السلام بأنه ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ﴾.

فيظهر من هذا إنّ الله تعالى أبصر بالعبد من نفس العبد، وكل ما يعمل مع العبد فهو لصلاحه، ويجب على العبد أن يقول: ﴿ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾([13]). ففي أي مقام يكون هو خير له، وعلى أي مقام يحصل هو ﴿ خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾.

وإذا تمكن من أن يبقى في هذه الدنيا صالحاً من ولد أو صدقة أو علم فهو نور على نور، ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً ﴾([14]).

فتوكل عليه واعمل لأجله ﴿ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ واطلب رزقك في الدنيا والآخرة منه، فإن ﴿وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ ([15]).

المسارعة في الخيرات

وأنت تعلم أيها المؤمن  أنّ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ وإمتحاناً ليرى ممن يصدر ﴿ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ﴾، ومن هو ﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ فأنظروا إلى من كان قبلكم من المؤمنين كيف ﴿كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ ([16]).

ولا تكونوا كالذي ﴿ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ﴾ وإن أصابته فتنة ترك الدين والإيمان وأهله وأعتزل الناس ضناً منه بأن هذا هو ﴿ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾بل العكس أن العيش بين الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ و ﴿ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾ ولا يتصور أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقربان أجلاً أو يقطعان رزقاً، كلا، فـ ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ ، فكونوا مع الناس في أجسامكم ولا تكونوا معهم في آرائهم ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ﴾([17]).

وأنزلوا مع الناس في الحياة وقولوا ربنا أنزلنا ﴿ أَنزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ وكونوا كمن كان قبلكم وكانوا يسارعون ﴿ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ نعم ﴿ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ ولا تسئلوهم خرجاً لأنّ الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.

الدعاء

وعلى أي حال ينبغي لنا أن ندعو دائماً ونقول ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ ربنا ﴿ اغْفِرْ وَارْحَمْ ﴾ وتجاوز ﴿ وَأَنْتَ خَيرُ ﴾([18]). من دعى يا رب، ولا تظنوا أن الدعاء لا يفيدكم ﴿ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ وإنما يظن ﴿ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً ﴾ وأدعوا لأخوانكم أيضا ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ً ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرا﴾.

العفة:

ولا تنسوا عفة نسائكم فحافظوا عليهن وهن (يستعففن) ذلك (خير لهن) ([19]).  وبهذا أيها المؤمن ﴿جَعَلَ لَكَ خَيْراً ﴾ فالدنيا لاتفى لك ولا لغيرك وهي التي عبر الله تعالى عنها بالمتاع القليل، ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ﴾ ولأصحاب جنة الخلد ﴿ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾([20]).

ثم هناك تقول: هاؤم اقرؤا كتابية، وانظروا أن ما ﴿ آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ ﴾ فأين الفسقة والكفرة المشركين ﴿ أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ وانظروا أن ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ﴾ واتقى الله تعالى في الدنيا ﴿ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ﴾ والفاسقون من فزع يومئذ مشفقون كما أنّ المؤمنين ﴿ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾([21]). ويقول أحدهم ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾.

المساعدة

ولا تبخل أيها الأخ بمديد المعونة إلى إخوانك فإنّ خير الناس من نفع الناس وتذكر قصة موسى دائماً حيث رآهن على الما فساعدهن ولما أتين شعيباً قلن له ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾ ولا ترجون من أحد أجراً إلّا ما عند ربك، ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ وليس للناس أن يختاروا أو يعينوا للمحسن أجراً، ﴿ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ ﴾ وإن ﴿ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾، والله سبحانه وتعالى أوعد بأن ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ﴾([22]). ووعد الله تعالى ﴿ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾([23]). وشرطه أن تكون المساعدة مخلصة ﴿ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ﴾([24]).

لا تميلوا

وغياكم أيها الأخوة أن تميلوا كل الميل للذين لم تعرفوهم ولا تمتحنهم الجوامع الإسلامية، فيأتون من هنا وهناك بأسماء مزروقة كالليسانس والدكتور والفيلسوف والمستشرق وهكذا ويريدون أن يقودوا الناس إلى الحضارة الغربية ويبعدوهم عن الحضارة الإسلامية العريقة بأقوال تافهة وآراء سخيفة وما داموا معكم قدروكم وشجعوكم وإذا تركوكم ﴿ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ﴾، ودعائنا أنهم ﴿ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً ﴾ من شعبنا إن شاء الله، وشعبنا العظيم لا يدع ﴿ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ([25]).وإن ﴿ أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ في سبيل طرد هؤلاء من المجتمع ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ ([26])، فأين من كان ﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ ([27]). فيقال لهم ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ ﴾([28]) أم لو كنتم تدعون إلى الإسلام الذي حوى خير الدنيا والآخرة، فكم من هؤلاء لفظتهم شعوبهم وأحدهم ينادي كذباً ﴿ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ ﴾ وأنا خير ممن سبقني من رجالاتكم، هذه كذبة صريحة إنّ رجالاتنا كلهم ﴿لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَار﴾ سواء الحاضر والبادي والصغير والكبير ﴿ وَكُلٌّ مِنْ الأَخْيَارِ ﴾ فهؤلاء المشعوذون كإبليس لما وقع في الفخ قال معتذراً ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾([29])، فهذه الأعذار لأولن تفيدهم، ﴿ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً ﴾ هؤلاء أهل النار ولكن ندعوا لهم للهداية  عسى أن يهديهم الله تعالى ﴿ لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ﴾([30]) علينا الدعاء وعلى الله الإجابة ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ ﴾([31]) ولا نهاب الماكرين المجمعين على أغوائنا، ﴿ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ .

التفاخر

هذا واتركوا التفاخر فيما بينكم فهو داء عضال، ولا يقولن أحدكم ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ فإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، فكم من أمم قبلكم هلكت بتفاخرها على من سواها وكانت تقول: ﴿ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً ﴾([32])   ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾([33]) كفروا أيضاً بقولهم (لو كان) إلتقى  ﴿ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾([34]) ﴿فلو صدقوا﴾ فيما قالوا ﴿ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ﴾([35])

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ﴾ فكيف قالوا أآلهتنا خير والحال ينبغي أن

﴿ لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ﴾([36]) لا هؤلاء ولا هؤلاء، كلهم كفار معاندون يمنعون الخير، يعتدون على الغير، يشكون في كل شيء، فهم أهل النار  ﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴾([37]) وقولوا لهم: ﴿ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ﴾([38]) وعلى أي حال فترككم أهل التفاخر أولى وحتى النساء لا تفاخر أحدايهن على الأخرى فإنّ في نسائكم ﴿ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾([39]) وهن ﴿ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ﴾([40]) ولا ريب ولا شك أن ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾([41]) ونقول ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لإنهن يربين أولادكم والمرء يخلف في ولده.

اللهو

ولا تقضوا أوقاتكم بالفراغ واللهو، إلّا في ثلاثة، فقد قال جعفر عليه السلام لهو المؤمن في ثلاثة أشاء، التمتع بالنساء، ومفاكهة الأخوان والصلاة بالليل ـ الخصال باب الثلاثة ـ ﴿ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾([42]).

والذي يريده الله تعالى لكم فيه خيركم وصلاحكم وسعادتكم في الدارين فأسمعوا ﴿ وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ ﴾([43])، وأما التمتع بالنساء واللهو معهن لا يكن سبباً للتغافل عن ذكر الله عسى أن يبدلكم الله ﴿ أَزْوَاجاً خَيْراً ﴾([44]) منهن، فلا تسمحوا لأنفسكم أن تكن المرأة ﴿ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴾، ﴿ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا ﴾([45]) ولا يكن أحدنا ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾  فحتماً أنا ﴿ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ ﴾([46]).

قدموا الخير

وقدموا لآخرتكم أيها المؤمنون ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾([47])، ﴿ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾([48])، وأنه ﴿ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى ﴾([49]) وخير ما تقدموا هو العمل الصالح المستمر ليل نهار، سيما ليلة القدر فإنها ﴿ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾([50]) ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾([51]) فأعملوا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ﴾ ([52]) وأنى للإنسان أن يعمل إلّا بتوفيق من الله تعالى، فإنّ ﴿ِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ َشَدِيد﴾([53])، لما شهد الله تعالى بأنّ الإنسان شديد الحب للخير ينبغي له أن يعمل الخير للخير والله تعالى المسئول عن توفيق العبد الذي يحب الخير للخير ويعمل الخير لأجل الخير ويطلب الخير من الخير، فهلموا يا أهل الخير للخير والسلام إلى الله تعالى، وربما كان صلى الله عليه وآله لا يجيب عن بعض الأسئلة إلّا بعد مرور وقت، كي ينزل عليه جبرئيل، ويأذن له بالجواب عن الله تعالى، وكان صلى الله عليه وآله  مهدداً فيما لو أجاب من نفسه ونسبه إلى الله تعالى:

﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ (الحاقة: 44ـ 45ـ 46).

وعلى أي حال ظهر مما تقدم، أنّ النبي الكريم صلى الله عليه وآله لا يتكلم من تلقاء نفسه:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ (النجم: 3 ـ 4 ـ 5).

فعليه: إنّ القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وآله من العلي القدير:

﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (السجدة: 41ـ 42).

وأنه نزل ليهدي من على وجه الأرض على إختلاف طبقاتهم وميولهم وإتجاهاتهم، فهداه أحسن هدى، وطريقه ألحب طريق، ورشده خير رشد، وحياته أسعد حياة.

وقد قسم الناس إلى ثلاث طوائف، ليختار الفرد أن يكون من الطائفة الممتازة، كي يكون سعيداً في الدنيا والآخرة.

وأما الطوائف الثلاث:

فالأولى: هي التي وطأت الأرض بقدميها يوم ميلادها ولم تعلم لماذا خلقت ولماذا وجدت، ولماذا من الأمهات وضعت، وبقيت هكذا تغدوا وتروح، وتجلس وتقوم، وتسمع وتبصر، لكن لماذا؟ لا تعلم، تسمع يقال عنها إنسان لكن ما هي الإنسانية؟ لا تعلم.

لقد صدق أمير المؤمنين عليه السلام، لما عبر عن هذه الطائفة، بأنها كالبهيمة المربوطة همها علفها، فجميع جوانب نفوس هؤلاء، من مشاعر وآمال وعواطف وحب وبغض، تكون بعزلة وإنقطاع تام عن الإنسانية، كاملة كانت أو ناقصة، فلا تؤثر في نفوسها شيء ولا تتأثر بشيء أبداً.

وعليه يمكن التعبير عنها، بأنها ذو نفوس جافة، لا يوجد فيها طراوة الحب ولا تجدد مشاعر، ولا نبضة عاطفة، ولا إبتسامة أمل، وقد عبر عنها القرآن الكريم في الآية المباركة.

﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ﴾ (الأعراف: 179).

فهذا اللون من البشر هو أبعدهم عن درك السعادة أو الشقاء. فالحذار الحذار.

الثانية: أما هذه الطائفة ـ وما أكثرها ـ هي التي أستعبدتها شهواتها ومطامعها وتغلبت المادة النكراء وحب الظهور على جميع جوانب نفوسها، فهي لا ترى في الحياة إلّا النفع المادي، والإستعلاء على الغير، وقد أصبحت رهينة الأهواء تصرفها وتكفيها كيف تشاء، ولا تفهم الحياة إلّا لهواً ولعباً وإستكباراً وتفاخراً وأنانية، ولا تريد من الحياة إلّا إنقضاء شهواتها، فهي تابعة لها على كل حال، فتتجشم الصعاب في قضاء شهوة واحدة مهما كلف الأمر، فلا يهمها أن أقبلت أو أدبرت، ولا ترى فضائل قضي عليها، ولا مآتم تولد فتملأ الدنيا، ولا جنايات متروكة على رسلها، لا يهمها كل ذلك ما دامت المادة تدر، والشهوات تلعب أدوارها، والمطامع تؤتى أكلها، والسيطرة باقية لها، فهي في نعيم، وليكن ما سواها في جحيم، فلن يضرهم ذلك شيئاً، وعند الله تجتمع الخصوم، في يوم يقال لها:

﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ (الأحقاف: 20).

هذه هي الطائفة المفلسة، حيث لا رصيد لها من دين، ولا ملجأ من عقيدة ولا سند من إيمان، ولا حصيلة من عمل، وهذا هو الشقاء.

وهذا اللون من البشر لا يعرف السعادة إلّا في الشقاء. فالحذار الحذار.

الثالثة: وأمّا هذه الطائفة، هي المختارة للتوشح بثوب الإنسانية،، وهي المختارة كذلك للصعود بسلم الخير، فالوصول إلى المآل الحسن، ثم التربع على مقاعد السعادة، لأنها أفرغت قلبها من كل شيء، وأعدته ظرفاً وافياً لكل صفة حميدة، ولكل حقيقة ثابتة، وهل هناك حقيقة أثبت وأكبر من رضوان الله تعالى:

﴿ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ (التوبة: 72).

وهي الغاية القصوى.

وقد أعدت هذه الطائفة نفسها لكل خير أنزلها بارئها إليها، فلن تبتغي غير ما أراده لها، لا تعمل إلّا بما خطه مولاها، تراها مفعمة بالإيمان، ينطف منها الوجدان، فهي للخير منبع، وللمكارم مرتع، ولحسن الصفات مجمع، لا تشوبها شوائب الشهوات، ولا تسودها رغالب الملذات، فاستنارت جميع جوانب نفوسها، حتى كادت لا تحس إلّا الخير، ولا تحب إلّا العمل به، وقد أشرق الحق في سويداء قلوبها، فولى عنها الجهل والكسل، ورافقها العلم والعمل، وإذا ببصائر مستيقظة، وفكر مستنيرة، ومشاعر منتبهة، وكأنها تعيش والصدى يعيش معها.

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ (آل عمران: 185)

فأخلصت لله عبوديتها، وجعلت شرعه شريعتها، فأخذت ترد المنهل العذب حتى امتصت العقيدة جوانبها وجذورها، فأثمرت العزيمة والقوة، والجد والفتوة ثم صارت تحارب الأهواء، وتطارد الأعداء([54])، لا ترضى عن حكم الله ببديل ولا تطأ رأسها لكل عميل([55])بل تدعوا الناس إلى سواء السبيل، تدعوهم إلى الله العلي العظيم:

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِين﴾ (السجدة : 33).

فقد أسلمت لله بكل معنى الكلمة، فهي الصفوة من العباد والقائمة بالدعوة إلى الله في البلاد، والمجاهدة فيه خير جهاد، فهداهم الله سبله:

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (العنكبوت: 69).

هذه الطائفة هي المختارة، فاختر لنفسك أن تكن منها وتلحق بركبها، كي تجعل الحق ميزان عملك اليومي، وتنصره ففي نصرته تقويمه، وفي تقويمه سيادته، وإذا ساد الحق نصر الله تعالى، ونصرته إقامة حكمه في الأرض، وبها تسودها الطمأنينة ويسودها الخير، فيحصل المطلوب:

﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ (الحج: 40)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ (محمد : 7)

فإلى العمل الصالح، وغلى نصر الله بالدعوة لتنصروا:

﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الروم: 47).



([1]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة البقرة.

([2]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة آل عمران.

([3]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة النساء.

([4]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة المائدة.

([5]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الأنعام.

([6]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الأنعام.

([7]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة التوبة.

([8]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة يونس.

([9]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة هود.

([10]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة یوسف.

([11]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة النحل.

([12]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الإسراء.

([13]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الكهف.

([14]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة مريم.

([15]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة طه.

([16]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الأنبياء.

([17]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الحج.

([18]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة المؤمنون.

([19]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة النور.

([20]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الفرقان.

([21]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة النمل.

([22]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة القصص.

([23]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة العنكبوت.

([24]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الروم.

([25]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الأحزاب.

([26]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة سبأ.

([27]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة فاطر.

([28]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الصافات.

([29]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة ص.

([30]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة فصلت.

([31]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الشورى 36.

([32]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الزخرف.

([33]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الدخان.

([34]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الاحقاف 11.

([35]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة محمد 21.

([36]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من الحجرات.

([37]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة ق: 25.

([38]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة القمر.

([39]). الرحمن: 70.

([40]). المجادلة: 12.

([41]). الصف: 11.

([42]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة الجمعة.

([43]). التغابن: 16.

([44]). التحريم: 5.

([45]).  تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة القلم.

([46]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة المعارج.

([47]). تمت الآيات التي فيها لفظة الخير من سورة المزمل.

([48]). الأعلى: 17.

([49]). الضحى: 4.

([50]). القدر: 3.

([51]). البينة: 7.

([52]). الزلزلة: 8.

([53]). العاديات: 8.

([54]). أعداء الإسلام.

([55]). تابع الشياطين.