الفرار من الولد

الولد عزيز جدّآ بحيث نرى بعضهم يفديه روحه ، ولكن لكلّ شيء حدّ، ولكلّ مسير إيقاف ، أمّا بالنسبة للدنيا فحدّ حبّ الولد الدين ، فإذا خيّر المؤمن بين ترک الدين أو الولد، فلا شکّ أنّه يترک الولد، ويحافظ على دينه . وأمّا بالنسبة للاخرة التي هي دار جزاء وبقاء فكلّ ينادي وا نفساه ، فلا والد يجزي عن ولده ، ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئآ، والأمر يؤمئذٍ لله تعالى . فهناک ترى الفرار ممّا لا يطاق من سنن المرسلين . ربنا ارحمنا برحمتک ، وأرنا شفعاءنا في بحبوحة جنّتک ، واهدنا وذرّياتنا بهدايتک ، يا أرحم الراحمين .

1 ـ حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري بإيلاق ، قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا  7، قال : حدّثنا موسى بن جعفر  7، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد  7، قال : حدّثنا محمّد بن عليّ  7، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين  7، قال : حدّثنا الحسين بن علي  :، قال : كان عليّ بن أبي طالب  7بالكوفة في الجامع ، إذ قام إليه رجل من أهل الشام ، فسأله عن 
مسائل ، فكان فيما سأله أن قال : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ34 وَاُمِّهِ وَأبِيهِ35 وَصَاحِبَـتِهِ وَبَـنِيهِ )[1]  من هم ؟ فقال  7: قابيل يفرّ

من هابيل ، والذي يفرّ من اُمّة موسى ، والذي يفرّ من أبيه إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه السلام ، والذي يفرّ من صاحبته لوط  7، والذي يفرّ من ابنه نوح ، يفرّ من ابنه كنعان .

قال الصدوق رحمه الله تعالى : إنّما يفرّ موسى من اُمّه خشية أن يكون قصّر فيما وجب عليه من حقّها. وإبراهيم  7 إنّما يفرّ من الأب المربّي المشرک لا من الأب الوالد وهو تارخ ...[2] .

أقول : إنّ الفرار يشمل الجميع حسب ما يتصوّر لأنّ القرآن الكريم وإن كان له شأن نزول ، أو خصوصية مورد، إلّا أنّه يعمّ الموارد ويشمل الجميع . نعم يمكن أن يكون أوّل من يفرّ هم هؤلاء الذين عدّهم امير المؤمنين عليّ عليه أفضل الصلاة والسلام . ودليلنا: إنّ لفظ (المرء) اسم جنس ، و(الـ) يفيد العموم .