العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ الإهداء
■ التمهيد
■ الأولاد والسعادة
■ العزيز في كلّ مكان
■ السعادة والنعمة
■ عمارة الدنيا
■ حرث الدنيا البنون
■ العون والعضادة
■ الولد نعمة
■ كفران النعمة
■ الولد ريحانة
■ الاُنس بالولد
■ المقوّم
■ البشائر
■ شراكة الشيطان
■ قانون الوراثة
■ تأثير المأكولات في الأولاد
■ تسمية الأولاد
■ الكنية من الأدب
■ عند الولادة
■ وليمة المولود
■ التهنئة بالولد
■ شباهة الولد
■ الولد الصالح
■ الأدب والتعليم والتربية
■ التصابي
■ إعالة الأولاد
■ موجبات الرحمة على الوالد
■ توابع المرء
■ التمتّع بالولد بعد الموت
■ كمال الأدب مع الوالدين
■ أفضل الأعمال للولد
■ الإطاعة (إطاعة الوالدين )
■ جزاء الوالد
■ الدافع إلى الجنّة برّ الوالدين
■ الخلود
■ الجنّة
■ النار
■ الجُنّة من النار
■ سخط الله ورضاه
■ رضا الله ورضا الوالدين
■ حقّ الوالدين
■ الشكر (شكر الوالدين )
■ جند العقل
■ البرّ والبارّ
■ الإشفاق
■ النفقة على الوالد
■ البرّ بالاُمّ
■ رضا الاُمّ وسخطها
■ معنى العاقّ والعقوق
■ عاقّ الوالدين
■ درجات العقوق
■ عقّ الأولاد
■ حيّان أو ميّتان
■ الدعاء (دعوة الوالدين )
■ حقّ الولد على الوالد
■ الفريضة (برّ الآباء)
■ العبادة
■ أحبّ الأبناء
■ تعدّد الآباء
■ نصيحة الوالد لولده
■ وصايا الآباء للأبناء
■ نصح الأبناء للاباء
■ الرعاية
■ الأقوال
■ تكلّف الآباء بالنسبة للأبناء وبالعكس
■ العناية والإعانة والرعاية
■ نغص العيش
■ المصائب
■ الفقدان
■ التعزية
■ الاحتساب
■ السلطة المالية
■ إرث الوالدين
■ الإرث للولد
■ إرث الاُنثى
■ نهى الله عن المحارم
■ نكاح المرأة ذات الأولاد
■ الفرار من الولد
■ اللعن
■ الممقوت
■ الفتنة
■ الوأد
■ الاجتناب عن ولد الزنا
■ لا يولد المؤمن بزنا
■ المضرّ
■ لا ضرار ولا ضرار
■ الهرب بعد الطلب
■ أولاد إبليس
■ الذلّ
■ الكبائر
■ الجبن
■ سنن عبد المطّلب
■ ذبح الولد
■ متفرّقات
■ ختامه مسک
■ دعاء مولانا الإمام السجّاد ٧ لأبويه
■ دعاء مولانا الإمام السجّاد ٧ لوُلده
■ التوكّل في العمل لا في البطالة والكسل
■ أجهل الناس بالله
■ بين عطف الوالد والولد
■ الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي ١
■ مولده وحياته العائلية
■ حياته العلميّة والعمليّة
■ حياته السياسية والثوريّة
■ حياته الاجتماعية والأخلاقية
■ نسبه إلى الإمام السجّاد ٧
■ المصادر

دعاء مولانا الإمام السجّاد 7 لوُلده

دعاء مولانا الإمام السجّاد  7 لأبويه

 

 

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِکَ وَرَسُولِکَ ، وَأهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَاخْصُصْهُمْ بِأفْضَلِ صَلَواتِکَ وَرَحْمَتِکَ وَبَرَكاتِکَ وَسَلامِکَ ، وَاخْصُصِ اللَّهُمَّ وَالِديَّ بِالكَرَامَةِ لَدَيْکَ ، وَالصَّلاةِ مِنْکَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمين .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَألْهِمْني عِلْمَ مَا يَجِبْ لَهُما عَلَيَّ إلْهامآ، وَاجْمَعْ لي عِلْمَ ذَلِکَ كُلَّهُ تَمامآ، ثُمَّ اسْتَعْمِلْني بِما تُلْهِمُني مِنْهُ ، وَوَفِّقْني لِلنُّفوذ فيما تُبَصِّرُني مِن عِلْمِهِ ، حَتَّى لا يَفوتَني اسْتِعْمالُ شَيءٍ عَلَّمْتِنيه ، وَلا تَثْقُل أرْكاني عَنِ الحَفوفِ فيما ألْهَمْتَنيه .

(وألهمني علم ما يجب لهما...) العلم بالحلال والحرام لا ينبع من داخل الإنسان وأوهامه ، وإنّما يؤخذ من الوحي أو ما يمضيه الوحي ويقرّه ، ولذا طلب الإمام من الله سبحانه أن يرشده ويهديه إلى ما يجب عليه لوالديه ، ويتلخّص هذا الواجب بطاعتهما في كلّ شيء، إلّا في معصية الله حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وبهذا تجد تفسير الآية 8 من العنكبوت : (وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ 
بِوَالِدَيْهِ حُسْنآ وَإنْ جَاهَدَاکَ لِتُشْرِکَ بِي مَا لَيْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
)[1] ،

وغيرها من آيات هذا الباب وأحاديثه .

وبالمناسبة اُشير، لمجرّد التنبيه والتحذير، أنّي أعرف شيخآ باسمه وشخصه يحلّل ويحرّم ويحكم بالفروج والأموال بوحي من فهمه ووهمه ، أمّا الدرس والمراجعة والمطالعة فهي للذين يسيرون في الطريق لا لمن يطفر بلا رابطة وواصلة ! ومع هذا يؤمن ويوقن أنّه ألمع من تخرّج من مدرسة الإمام جعفر الصادق  7! أعاذنا الله من مضغ هذا الهواء.

(واجمع لي علم ذلک ...) إشارة إلى واجبات الوالدين بالكامل ، والمعنى اجعلني عالمآ بكلّ ما عليَّ لهما.

(ثمّ استعملني بما تلهمني ، ووفّقني للنفوذ...) بعد أن طلب الإمام من الله الهداية إلى العلم بالواجبات سأله التوفيق إلى العمل بموجب العلم ، لأنّ الهدف الأساس من كلّ علم هو التنفيذ والتطبيق ، وبتعبير فيلسوف معاصر: «ليست المعرفة بناءات ـأو بنايات ـ تبنى بالذهن ليتعلّمها الإنسان ، ثمّ يأوي إلى مخدعه ليستريح » وكفى .

(ولا تثقل أركاني عن الحفوف ...) المراد بالثقل هنا الكسل والفتور، وبالأركان الأعضاء التي يتركّب منها البدن ، وبالحفوف الخدمة ، من حفف الخدم حوله أي أحدقوا به ، والمعنى : هب لي من لدنک قوّة ونشاطآ في طاعة والديَّ ومرضاتهما.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، كَما شَرَّفْتَنا بِه ، وَصَلِّ عَلى 
مُحَمَّدٍ وَآلِه ، كَما أوْجَبْتَ لَنا الحَقَّ عَلى الخَلْق بِسَبَبِه .

اللَّهُمَّ اجْعَلْني أهابُهُما هَيْبَةَ السُّلْطانِ العَسوف ، وَأبَرَّهُما بِرَّ الاُمِّ الرَّؤوفِ ، وَاجْعَلْ طاعَتي لِوالِدَيَّ وَبِرِّي بِهِما أقَرَّ لِعَيْني مِنْ رَقْدَةِ الوَسْنانِ ، وَأثْلَجُ لِصَدْري مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآن ، حَتَّى أوثِرَ عَلى هَوايَ هَواهُما، وَاُقَدِّمَ عَلى رِضايَ رِضاهُما، وَأسْتَكْثِرَ بِرَّهُما بي وَإن قَلَّ ، وَأسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِما وَإنْ كَثُرَ.

(اللهمّ صلّ على محمّد وآله كما شرّفتنا به ) أي بميراثنا لعلمه ، وعملنا بسنّته ، وسيرنا على طريقته ، لا بمجرّد الانساب إليه ، قال سبحانه : (فَإذَا نُفِـخَ فِي الصُّورِ فَلا أنسَابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَـئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ )[2] ... (إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ

أتْقَاكُمْ )[3] . وسئل الرسول الأعظم  9 عن أحبّ الناس إلى الله؟ فقال : «أنفعهم

للناس ». ويأتي في الدعاء :42 «لترفعنا فوق من لم يطق حمله » أي حمل علم الكتاب والسنّة .

(كما أوجبت لنا الحقّ على الخلق بسببه ) يشير بهذا إلى الآية 23 من الشورى :(قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرآ إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى )[4] . وما وجبت هذه

المودّة إلّا لأنّ أهل البيت  : امتداد لجدّهم الرسول  9 علمآ وعملا وسيرة وسريرة .

(اللهمّ اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف ): الظلوم ، يهاب والديه على 
دنوّه منهما وعلمه بأنّهما أرأف به من نفسه . ولا غرابة ، إنّها هيبة التعظيم والتقدير، لا هيبة الخوف من العقاب العسير، هيبة الاُبوّة التي لا يشعر بها إلّا العارفون . كانت فاطمة 
 3 بضعة من النبيّ  9، وأحبّ الخلق إلى قلبه ، ومع هذا كانت تقول  : ما استطعت أن اُكلّم أبي من هيبته .

(وأبرّهما برّ الاُمّ ...) ولا شيء عند الأبوين أغلى وأثمن من برّ الإبن بهما، علمآ بأنّه وفاء لدين سابق ... ومع هذا يسعدان به سعادة الغارس بثمرات غرسه ، وبهذه السعادة نفسها يشعر الإبن البارّ إذا تأكّد من سعادة أبويه به ، ورضاهما عنه .

(الوسنان ): من أخذه النعاس .

(وأستكثر برّهما بي وإن قلّ ، وأستقلّ برّي بهما وإن كثر) الخير منه ضئيل وصغير بالغآ ما بلغ ، ومنهما جليل وكبير وإن كان حبّة من خردل ؟! وليس هذا تواضعآ، بل إيمانآ وعظمة نفس ، وشعورآ حيّآ بمسؤولية التكليف ، وهو أمره تعالى : (أنِ آشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْکَ )[5] ، وكلّ شيء قليل في جنب الله والشكر له

لمن قرن شكره بشكره . وهكذا العظيم يستصغر الحسنة منه وإن كبرت ، ويستكبر السيّئة وإن صغرت على العكس تمامآ من الحقير، وفي الحديث الشريف  : «المؤمن يرى ذنبه فوقه كالجبل ، يخاف أن يقع عليه ، والمنافق يرى ذنبه كذباب مرّ على أنفه فأطاره ». وقال قائل لأحد المتّقين حقّآ: رأيت في منامي أنّک في الجنّة . فقال له : ويحک أما وجد الشيطان من يسخر منه غيري وغيرک ؟

اللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُما صَوْتي ، وَأطِبْ لَهُما كَلامي ، وَألِن لَهُما عَريكَتي ، وَاعْطِفْ عَلَيْهِما قَلْبي ، وَصَيِّرني بِهِما رَفيقآ، 
وَعَلَيْهِما شَفيقآ؛  اللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُما تَربِيَتي ، وَأثِبْهُما عَلى تَكْرِمَتي ، وَاحْفَظ لَهُما ما حَفِظاه مِنِّي في صِغَري .

اللَّهُمَّ وَما مَسَّهُما مِنِّي مِن أذىً ، أو خَلَصَ إلَيْهِما عَنِّي مِنْ مَكْروهٍ ، أو ضاعَ قِبَلي لَهُما مِنْ حَقّ ... فَاجْعَلْهُ حِطَّةٍ لُذُنوبِهِما، وَعُلُوآ في دَرَجاتِهِما، وَزِيادَةً في حَسَناتِهِما؛ يا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأضْعافِها مِنَ الحَسَنات .

(اللهمّ خفّض لهما صوتي ) غضّ الصوت وخفضه من الآداب الشرعية والعرفية ، بخاصة عن مخاطبة الكبار وأهل المكانة . وفي الآية 19 من لقمان  :(وَآغْضُضْ مِنْ صَوْتِکَ إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ)[6] .

 

(وأطب لهما كلامي )، قال سبحانه : (فَلا تَقُلْ لَهُمَا اُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمآ)[7] ، على أنّ الكلمة الطيّبة بوجه عامّ كالشجرة الطيّبة (أصْلُهَا

ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ24 تُؤْتِي اُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ )[8] .

 

(عريكتي ) طبيعتي .

(رفيقآ) لطيفآ لا فظّآ غليظآ.

(اللهمّ واشكر لهما...) أجزهما بالإحسان إحسانآ، وبالسيّئات عفوآ وغفرانآ.

(واحفظ لهما ما حفظاه منّي في صغري ) أجزل لهما الأجر والثواب على 
ما لقيا من التعب والعناء في سبيلي رضيعآ وصبيّآ. وقال رجل للنبيّ 
 9: إنّ أبوي بلغا من الكبر عتيّآ، وأنا اُولي منهما ـاُباشرـ ما وليا منّي في الصغر فهل قضيت حقّهما؟ قال : لا، فإنّهما كانا يفعلان ذلک وهما يحبّان بقاءک ، وأنت تفعله ، وتريد موتهما.

(اللهمّ وما مسّهما منّي من أذى ...) كلّ ما أصابهما بسببي من مكروه .

(فاجعله حطة ) محوآ.

(لذنوبهما وعلوّآ) لمقامهما عندک بحيث يكون شقاؤهما بي في الدنيا سببآ لسعادتهما في الآخرة .

(يا مبدّل السيّئات بأضعافها حسنات ) لمحو السيّئات العديد من الطرق ، منها التوبة ، ومنها إصلاح ذات البين وكلّ عمل نافع مفيد للفرد والجماعة ، ومنها المرض فإنّه يحطّ السيّئات ، ويحتها حتّ الأوراق ، على حدّ تعبير نهج البلاغة ، ومنها العدوان حيث يتحمّل المعتدي سيّئات المعتدى عليه ، وأيضآ يأخذ هذا حسنات ذاک ، وسبقت الإشارة إلى ذلک في الدعاء 22 عند تفسير «تقاضي به من حسناتي وتضاعف به من سيّئاتي ».

اللَّهُمَّ وَما تَعَدَّيا عَلَيَّ فيهِ مِنْ قَوْلٍ ، أوْ أسْرَفا عَلَيَّ فيهِ مِنْ فِعْلٍ ، أوْ ضَيَّعاهُ لي مِنْ حَقٍّ ، أوْ قَصَّرا بي عَنْهُ مِنْ واجِبٍ ... فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَهُما، وَجُدْتُ بِهِ عَلَيْهِما، وَرَغِبْتُ إلَيْکَ في وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُما، فَإنِّي لا أتَّهِمُهُما عَلى نَفْسي ، وَلا أسْتَبْطِئُهُما في بِرِّي ، وَلا أكْرَهُ ما تَوَلَّياهُ مِنْ أمْري يا رَبِّ ؛ فَهُما أوْجَبُ حَقَّآ عَلَيَّ، وَأقْدَمُ إحْسانآ إلَيَّ، وَأعْظَمُ مِنَّةً لَدَيَّ... مِنْ أنْ اُقاصَّهُما بِعَدْلٍ ، أوْ اُجازيَهُما عَلى مِثلٍ .


أيْنَ إذآ يا إلَهي طولُ شُغْلِهِما بِتَرْبِيَتي ؟! وَأيْنَ شِدَّةُ تَعَبِهِما في حِراسَتي ؟! وَأيْنَ إقْتارُهُما عَلى أنْفُسِهِما لِلتَوسِعَةِ عَلَيَّ؟! هَيْهاتَ ما يَسْتَوفِيانِ مِنِّي حَقَّهُما، وَلا اُدْرِکُ ما يَجِبُ عَلَيَّ لَهُما، وَلا أنا بِقاضٍ وَظيفَةَ خِدْمَتِهِما.

(اللهمّ وما تعدّيا عليَّ فيه ...) كما أوجب الله سبحانه حقوقآ للوالدين على الولد، أوجب أيضآ حقوقآ له عليهما، ومن أهمل وقصّر استحقّ اللوم والعقاب والدآ كان أو ولدآ، والإمام السجّاد  7 يتجاوز ويتنازل عمّا افترضه الله له على أبويه ، وحملهما من حقّه أيّآ كان نوعه ويكون ، وعبّر عن هذا التسامح والتجاوز بقوله  :

(وهبته لهما...) أسألک اللهمّ أن لا تؤاخذ أبوي على أي شيء يتّصل بي من قريب أو بعيد.

(فإنّي لا أتّهمهما على نفسي ...) هما عندي وفي عقيدتي من الناصحين المخلصين لا تواني منهما في حقّي ولا تقصير.

(ولا أكره ما تولّيا من أمري ) مهما أتى من المحبوب محبوب ، والعكس بالعكس .

(فهما أوجب حقّآ عليّ وإحسانآ إليّ...) لي حقّ ولهما حقّ ، ولكن حقّهما أقدم وأعظم .

(من أن اُقاصهما بعدل ...) لا مقاصة عادلة إلّا مع المساواة ، ولا مكان لها بين المنعم والمنعم عليه . ومن هنا يُقتل الولد بوالده ، ولا يُقتل الوالد بالولد.

(أين إذن يا إلهي طول شغلهما...) لقد تحمّلا الضيق والشدّة لأعيش في سعة ، والتعب والعناء لأكون في راحة ، والذلّ والهوان من أجل سعادتي .


(هيهات ) بفتح التاء وكسرها وضمّها: اسم فعل بمعنى بعد.

(ما يستوفيان حقّهما...) اُقرّ وأعترف بالعجز عن القيام بحقّهما مهما اجتهدت وبالغت ، لأنّه جسيم وعظيم .

وبعدُ، فمن أراد أن يستدرک ما فرّط من حقّ أبويه بعد موتهما، فليستغفر الله لهما، ويقضِ دينهما، إن كان عليهما شيء منه لله أو للناس ، وإلّا تصدّق عنهما بما يستطيع . وفي الحديث : من الأبرار يوم القيامة رجل برّ والديه بعد موتهما.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأعِنِّي يا خَيْرَ مَنْ أسْتَعينُ بِهِ ، وَوَفِّقْني يا أهْدى مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ ، وَلا تَجْعَلْني في أهْلِ العُقوقِ لِلاباءِ وَالاُمَّهاتِ يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمونَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، وَاخْصُصْ أبَوَيَّ بِأفْضَلِ ما خَصَصْتَ بِهِ آباءَ عِبادِکَ المُؤْمِنينَ وَاُمَّهاتِهِمْ ؛ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين .

(وأعنّي يا خير من أستعين به ...) كلّ أدعية أهل البيت  : ومناجاتهم ، تهدف إلى طلب الهداية والعون والتوفيق للعلم بالحقّ والخير والعمل بموجبه ، لأنّ التوفيق هو الأصل والمنطلق لكلّ نفع وصلاح دنيا وآخرة .

(ولا تجعلني في أهل العقوق ): العصيان والتمرّد.

(للاباء والاُمّهات ) ولا أدري كيف يعقّ الولد والديه ، وهو على علم اليقين أنّهما أرحم به من نفسه ، وأنّهما يضحّيان بالنفس والنفيس من أجله ، ولا يجزي الإحسان بالإساءة إلّا من فيه طبع الحيّة والعقرب .

(وصلّ على محمّد وآله وذرّيته ) قيل : الذرية أخصّ من الآل ، لأنّ الآل 
لكلّ ذي رحم ، والذرية للنسل فقط . ولكنّ المراد هنا العكس ، لأنّ القصد من كلمة الآل في الصلاة عليه وعليهم ، المعصومون بالخصوص ، أمّا الصلاة على الذرّية فتعمّ كلّ مؤمن صالح من نسل الرسول الأعظم 
 9.

(واخصص أبويّ بأفضل ) ما تخصّ به المقرّبين لديک .

اللَّهُمَّ لا تُنْسِني ذِكْرَهُما في أدْبارِ صَلَواتي ، وَفي إنَّىً مِنْ آناءِ لَيْلي ، وَفي كُلِّ ساعَةٍ مِنْ ساعاتِ نَهاري .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ؛ وَاغْفِرْ لي بِدُعائي لَهُما وَاغْفِرْ لَهُما بِبِرِّهِما بي مَغْفِرَةً حَتْمآ؛ وَارْضَ عَنْهَما بِشَفاعَتي لَهُما رِضىً عَزْمآ، وَبَلِّغْهُما بِالكَرامَةِ مَواطِنَ السَّلامَةِ .

اللَّهُمَّ وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُکَ لَهُما فَشَفِّعْهُما فيَّ، وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُکَ لي فَشَفِّعْني فيهِما، حَتَّى نَجْتَمِعَ بِرَأفَتِکَ في دارِ كَرامَتِکَ وَمَحَلِّ مَغْفِرَتِکَ وَرَحْمَتِکَ .

إنَّکَ ذو الفَضْلِ العَظيمِ ، وَالمَنِّ القَديمِ ، وَأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ .

(اللهمّ لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي ) كان الشعب العاملي المعروف الآن بجنوب لبنان ، من أشدّ الناس ولاءً لأهل البيت  : وأحرصهم على حفظ مناقبهم وآثارهم ، وبخاصّة الأدعية حيث يكرّرونها صباح مساء، وكان من عادة العامليين أن يقرأوا سورة الفاتحة بعد الصلاة ، ويهدون ثوابها إلى الأبوين ، ومازال الكثير منهم على ذلک . وغير بعيد أن يكون المصدر هذا الدعاء بالذات .

(وفي آناء من آناء ليلي وفي كلّ ساعة ...) لا تنسني ذكرهما في أيّ وقت وحين .


(واغفر لي ...) اجعل ثوابي عندک على البرّ بهما، وثوابهما على البرّ بي ، مغفرتک ورحمتک لي ولهما.

(حتمآ): غفرانآ محتومآ.

(رضىً عزمآ): معزومآ أي مقصودآ.

(وبلّغهما بالكرامة ومواطن السلامة ) تكرم عليهما بالجنّة وتفضّل .

(وإن سبقت مغفرتک لهما...) إن تکُ منزلتهما لديک أعلى وأرفع من مكانتي فارحمني بشفاعتهما، وإن تک منزلتي أعلى فارحمهما بشافعتي .

(حتّى نجتمع ) في جنانک ، ونسعد برضوانک .

والخلاصة أنّ للوالدين حقوقآ تمتاز عن أكثر الحقوق حتّى عن حقّ المؤمن على المؤمن ولو كان الأبوان مشركين بنصّ القرآن الكريم : (وَإنْ جَاهَدَاکَ عَلى أنْ تُشْرِکَ بِي مَا لَيْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفآ)[9] .

 


 

 

ـ25ـ

 

دعاء مولانا الإمام السجّاد  7 لوُلده

 

 

اللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقاءِ وُلْدي ، وَبِإصْلاحِهِمْ لي وَبِإمْتاعي بِهِمْ ؛ إلَهي امْدُدْ لي في أعْمارِهِمْ ، وَزِدْ لي في آجالِهِمْ ، وَرَبِّ لي صَغيرَهُمْ ، وَقَوِّ لي ضَعيفَهُمْ ، وَأصِحَّ لي أبْدانَهُمْ وَأدْيانَهُمْ وَأخْلاقَهُمْ ، وَعافِهِمْ في أنْفُسِهِمْ وَفي جَوارِحِهِمْ وَفي كُلِّ ما عُنِيتُ بِهِ مِنْ أمْرِهِمْ ، وَأدْرِرْ لي وَعَلى يَدَيَّ أرْزاقَهُمْ ؛ وَاجْعَلْهُمْ أبْرارآ أتْقِياءَ بُصَراءَ سامِعينَ مُطيعينَ لَکَ ، وَلأوْليائِکَ مُحِبّينَ مُناصِحينَ ، وَلِجَميعِ أعْدائِکَ مُعانِدينَ وَمُبْغِضينَ ؛ آمين ...

(اللهمّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقاءِ وِلدي ) يتمنّى الوالد طول الحياة لولده ، لأنّه امتداد لوجوده وذكره وأجله وعمره .

(وبإصلاحهم لي ) اجعلهم من أهل الإيمان والصلاح كي يطيعوک شاكرين ، ويسمعوا منّي غير عاصين .

(وبامتناعي بهم ...) أتقوّى بهم في شيخوختي ، ويخدموني في ضعفي وعلّتي .


(وربّ لي صغيرهم ) مدّني بالعون من فضلک على تربيتهم تربية صالحة

نافعة .



[1] ()  الحجرات : 13.

[2] ()  الشورى : 23.

[3] ()  لقمان : 14.

[4] ()  لقمان : 19.

[5] ()  الإسراء: 23.

[6] ()  إبراهيم : 24 ـ 25.

[7] ()  لقمان : 15.

[8] ()  التوبة : 105.

[9] ()  النور: 33.